ما زالَ البعضُ من خارجِ المملكةِ يطالبُون بلا تقوَى للهِ من بناءِ قبابٍ ذهبيَّةٍ في مقبرةِ البقيعِ بالمدينةِ المنوَّرةِ على قبورِ مَن دُفِنَ فيهَا من أهلِ بيتِ النبوَّةِ، ومنهُم الحسن بن علي، وعلي بن الحسينِ، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق -رضي اللهُ عنهُم أجمعينَ-!.

وزادتْ وتيرةُ مطالبةِ هذَا البعضِ، وتجاوزتْ مرحلةَ المطالبةِ، وأصبحُوا يرُون بناءَ القبابِ حقًّا لهُم، وأصلًا من أصولِ الدِّينِ، بينمَا هُو ناقضٌ من نواقضِ التوحيدِ الذِي لمْ يبعث اللهُ الرسلَ جميعَهم إلَّا لتوحيدهِ وإفرادهِ بالعبادةِ، وهو الواحدُ الأحدُ، الفردُ الصَّمدُ.

ومشاهدةٌ سريعةٌ لأشباهِ هذهِ القبابِ التِي يطالبُون بهَا والموجودةِ في الخارجِ تثبتُ أنَّ الممارساتِ التي تجرِي بجانبِهَا هي بِدَعٌ وخُرافاتٌ، وشركٌ يكادُ يكونُ صريحًا وأكبرَ، مثل التمسُّحِ بالقبورِ، وربطِ العُقدِ على جدرانِهَا للتقرُّبِ لأصحابِهَا، ودعاءِ غيرِ اللهِ، وطلبِ الرزقِ والشفاءِ والذريَّةِ من أصحابِهَا الميِّتين الذِين لا يسمعُون، ولو سمعُوا ما استجابُوا لهُم، وتدهورتْ الممارساتُ حتَّى أصبحَ بعضُهم يدخلُون مواقعَ القبورِ ساجدِينَ لأصحابِهَا، أو زاحفِينَ على بطونِهم، فإذَا سألتهُم -مستغربًا- عن ذلكَ؟ قالُوا -بفخرٍ- إنَّهم يتشرَّفُون بأنْ يكونُوا عبيدًا، أو كلابًا لأصحابِ القبورِ، والعياذُ باللهِ!.

والحمدُ للهِ الذِي جعلَ المملكةَ العربيَّةَ السعوديَّةَ بلادَ التوحيدِ، وهذَا هُو سرُّ ديمومتِهَا بحولِ اللهِ، وهِي خادمةٌ مخلصةٌ وحاميةٌ للحرمَينِ الشَّريفَينِ، وتتولَّى الإشرافَ على مقبرةِ البقيعِ التِي هِي أقدمُ مقبرةٍ في التاريخِ الإسلاميِّ، وكلُّ مَن دُفِنَ فيهَا مِن الأوَّلينَ والآخرِينَ والسَّابقِينَ والحاضرِينَ قدْ دُفِنُوا فيهَا طبقًا لسُنَّةِ النبيِّ الكريمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الذِي نهَى عن تعظيمِ الموتَى، وأمرَ بتعظيمِ اللهِ خالقِ الموتِ والحياةِ.

وهذَا البعضُ، أَلَا يعقلُونَ؟ أَلَا يستحُونَ مِن مطالباتِهم المُنكرةِ؟ بأنْ يخالفُوا التوحيدَ بجوارِ قبرِ نبيِّ التوحيدِ، أَلَا إنَّهم في إفكٍ عظيمٍ، أسألُ اللهَ لهُم الهدايةَ والرجوعَ عن هذَا الباطلِ الشيطانيِّ والإبليسيِّ اللَّعينِ، والعودةَ إلى الحقِّ المُبينِ.